تاريخ الأبرشية
أبرشية حلب للروم الكاثوليك هي من أقدم أبرشيات البطريركيّة الأنطاكية. وكانت تدعى حلب في العهد الهلنستيّ وبيرية في العهد البيزنطي. وتوطّدت فيها المسيحيّة منذ عهد الرسل. وأول أسقف معروف لها هو القديس أوستاتيوس الذي أصبح بطريرك أنطاكية، ولعب بهذه الصفة دورًا هامًا في المجمع النيقاويّ (عام 325)، وكان من أقوى المدافعين عنه.
وأشهر أساقفة حلب، في عصر الآباء الذهبيّ، أكاكيوس أو آقاق (۳۷۹-٤۳۳)، الذي لعب دورًا هامًا في حياة الشرق والكنيسة طيلة نصف قرن. وكان المؤرخ الشهير ثاوذوريتوس أسقف قورش، صديقًا له، وكان يزوره مرارًا، معرّجًا في طريقه على منسك القديس سمعان العاموديّ.
بعد المجمع الخلقيدونيّ (عام 451)، انقسمت كنيسة حلب بين مؤيّد ومعارض له، إنّما ظلّ أنصاره (الملكيّون) أصحاب النفوذ في حلب.
ولمّا دخلت حلب تحت الحكم العربيّ عام ٦۳۷، كانت الكاتدرائيّة التي بُنيت في العهد البيزنطيّ (والتي لا تزال آثارها قائمة اليوم، في المدرسة الحلويّة) في حوزة الملكيين، وظلّوا يصلّون فيها حتى عام ۱۱۱٤، قبل أن تحوّل إلى مسجد كردّة فعل على تعدّيات الفرنجة (الصليبييّن) من إمارة أنطاكية.
وإثر اجتياحات المغول والتتر، لاسيّما بعد اجتياح تيمورلنك (عام ۱٤۰۰)، تشتّت المسيحيّون ونزحوا عن حلب. وفي مطلع القرن السادس عشر، بعد الفتح العثمانيّ (1615)، أخذوا يعودون إلى حلب بتشجيع من السلطان سليم. وتنظّم المسيحيّون مجددًا في المدينة، وأصبح الملكيّون، في مطلع القرن السابع عشر، أكبر كتلة مسيحية في حلب، وهم يشكّلون لوحدهم نصف عدد الملكيّين في البطريركيّة الأنطاكية. وجعل عدّة بطاركة من حلب مقرًا لهم. وعرفت حلب، في ذلك العصر، نهضة اقتصاديّة وأدبيّة ودينيّة رائعة، وجعل منها المرسلون الغربيّون مركز إشعاعهم في الشرق. وأصبحت حلب في هذه الحقبة متروبوليتية.
أصبحت جماعة الملكيين في حلب عام ۱۷۰۰، مناصرة في أغلبيّتها الساحقة، للاتحاد مع روما. إلاّ أنّ الحلبيّن ما كانوا يرضون، مع ذلك، بالقطيعة مع الكنيسة الشرقيّة الأرثوذكسيّة. ففي عام ۱۷۲٤، اعترفوا بالبطريرك سلفستروس الأرثوذكس المختار في القسطنطينيّة، لا بالبطريرك كيرلس طاناس، الذي انتخبه كاثوليك دمشق. إلاّ أنّهم ثاروا على سلفسترس لتعصّبه. وليتخلّصوا من سلطته ارتبطوا مباشرة بالبطريرك المسكونيّ، الذي وعد بمنحهم أسقفًا متساهلاً. إلا أنّه بعد قرار مجمع انتشار الإيمان بمنع الاشتراك بالقدسيّات مع الأرثوذكس (۱۷۲۹)، استحصل الحلبيّون، وكانوا نافذين في بلاط إسطنبول، على الاعتراف باستقلال أبرشيتهم والاعتراف بمرشحهم الكاثوليكيّ مكسيموس حكيم. وكان مكسيموس حكيم في شركة مع البطريرك كيرلس طاناس. وتمكّن من المكوث في أبرشية حلب، من عام ۱۷۳۲ حتى 1757، ما عدا فترات متقطّعة اضطر فيها إلى اللجوء إلى لبنان، حيث مكث في دير الملاك ميخائيل في الذوق. وفي عام ۱۷۵۷، استولى الأرثوذكس اليونان على الكاتدرائيّة، واضطرّ خلفاء مكسيموس حكيم إلى البقاء في لبنان، (ذوق مكايل). ولكن غالبية الطائفةلم تتشتّت لأنهم تجمّعوا حول النائب العام وحافظوا على الحياة الجماعية. في عام 1762 عاد خليفة مكسيموس حكيم أغناطيوس جربوع إلى حلب للمرة الأولى لفترة قصيرة.
في عام 1818، تعرّض الروم الكاثوليك إلى اضطهاد دموي ودفعوا من أرواحهم ومالهم ثمنًا لوفائهم لروما. فاضطر الإكليروس للهرب إلى لبنان ولم يعد حتى عام 1825. فاعتُرف بهم رسميًا عام 1830 ورافق ذلك دخول جيوش إبراهيم باشا المصري إلى سوريا وكان في حاشيته العديد من الروم الكاثوليك. فتمكن المطران غريغوريوس شاهيات (1833-1843) من الإقامة في كرسيه في حلب وتمكّن في عهده من بناء كنيستين جميلتين: الكاتدرائية وكنيسة القديس جاورجيوس. واندمج الكاثوليك في الحياة الوطنية خلال العهود التي تعاقبت على سوريا وازدهرت مؤسّساتهم الثقافية والاجتماعية. رغم أنه لا يوجد أي نص رسمي لتاريخه يخصّ حدود الأبرشية، إنما العرف العائد لأجيال عديدة يضم إلى هذه الحدود: إدلب، الرقة، دير الزور والجزيرة. في الواقع، إن أبناء هذه الأبرشية هم يقيمون في مدينة حلب. أما في باقي المحافظات، يوجد بعض العائلات الروم الكاثوليك ولكن عددهم الضئيل لا يستدعي إنشاء مراكز رعوية خاصّة بهم. رغم ذلك، فإن نشاط إكليروس حلب وغيرته الرسولية طالت مسيحيي باقي الطوائف في مركزي الرقة وطبقة على الفرات حيث أُنشئت كنائس مع كاهن مرسل وبيت االراهبات الفرنسيسكانيات مريم المرسلات لتأمين الرسالة في هذين المركزين.
إن متروبوليت حلب يحمل حاليًا ألقاب حلب وقورش وseleucie. أما لقب سلوقيا فأضيف إليه سنة 1844 لتبرير صفة رئيس الأساقفة. ولقب قورش من 1869 لتوسيع سلطة حلب إلى كيليس (القريبة من قورش) حيث كان يوجد مؤمنون أورثوذكس راغبون بالارتباط بالكنيسة الكاثوليكية.
قائمة الأساقفة منذ 1724 تقريبًا
- جراسيموس سمّان نصّب عام ١٧٢١ نفي عام ١٧٢٣ إستقال عام١٧٣٢ توفي عام ١٧٥٤
- مكسيموس حكيم ١٧٣٢ – ١٧٦٠ ثم أصبح بطريركًا
- أغناطيوس جربوع ١٧٦١ – ١٧٧٦
- جرمانوس آدم ١٧٧٧ – ١٨٠٩
- مكسيموس مظلوم ١٨١٠ – ١٨١١ ثم أصبح بطريركًا
- باسيليوس عرقتنجي ١٨١٦ – ١٨٢٣
- أغناطيوس عجّوري 1826 – 1831 أسقف زحلة المدبّر الرسولي
- غوريغوريوس شاهيات ١٨٣٢ – ١٨٤٣
- ديمتريوس أنطاكي ١٨٤٤- ١٨٦٣
- بولس حاتم ١٨٦٣ – ١٨٨٥
- كيرلس جحا ١٨٨٥- ١٩٠٢ ثم اصبح بطريركًا
- ديمتريوس قاضي ١٩٠٢ – ١٩١٩ ثم اصبح بطريركًا
- مكاريوس سابا ١٩١٩ – ١٩٤٣
- إيسيدوروس فتال ١٩٤٣ – ١٩٦١
- أثناسيوس توتونجي ١٩٦١ – ١٩٦٨
- ناوفيطوس إدلبي 1968 – 1995
- جان كليمان جنبرت 1995 – …