المهنة كنز ومُتْعة
خاطبني مؤخّراً أحد أبناء الطائفةِ الأفاضل، وطلب مني أنّ أُشجِّع شبيبتنا على التّقانة المهنية، مُعتبراً أنَّ في ذلك مكاسِبَ كبيرة يُحققها الحِرَفِيُّ في ممارسته لمهنته، فهو يجد فيها خيراً مادياً مُعْتَبراً وخيراً نفسياً يريح خاطِره ويُسعِده، كّلما أتقنَ عَمَله ورأى جمال ثمرة أتعابهِ. ولفت مُحَدِّثي، في هذه المناسبة، انتباهي إلى أنّ ما يتقاضاه مُحْتَرِفُ النِّجارة شهرياً مثلا، يوازي ثلاثة أو أربعة أضعاف ما يتقاضاه اليوم الموظّف المجاز، في إحدى الدوائر الحكومية أو الشركات التِّجارية. كما أنَّ راتب العامل النشيط والمُتْقِن لعمله غالباً ما يزداد تدريجياً ويتضاعفُ بسرعة، عِلْما بأنّ هذا الصديق هو من العارفين، يعمل في إدارة ورشة نجارة واسعة ويستخدم فيها عدداً لا بأس به من العمال يتقاضون معاشاتٍ مُرضِيَةً لا بل مرتفعة وعالية.
وفي واقع الحال إنّ هذا الصديق، وهو صاحِبُ مهنة وناجِح في عمله، أصاب في تَوْصِيته وأجاد في تحليله لواقع الأمور. وأنا أوافقه الرأي كُلّياً، وما أنشِطةُ حركة “نبني و نستمر” في مجال التدريب المهني والذي أطلقناه في حلب منذ العام ٢٠١٥ سوى تحقيق، عملي وعلى أرض الواقع، لما تمنّاه هذا المعلّم المِقدام. الكلُّ يعلم أنّ الطائفة افتتحت مركزاً للتدريب المهني في منطقة التلفون الهوائي، حيث أعّدت له المكانَ المناسب في برج الأمل وجّهزته التجهيز الكامل منذ ست سنوات. وقد قَدّم هذا المركز خدماته لما يقرب من ١8٠٠ مستفيدٍ، بين فتيان وفتيات، مُؤَهِّلا رُوّادَه في تسعة اختصاصات عملية. والحقُّ يقال إنَّ العدد الأكبر من الذين استفادوا من خدمات هذا المركز كانوا من الفتيات والنساء، حيث إنَّ عدد الشبان الذين أمّوه، لم يتجاوز 433 مستفيد في مهن النجارة والصِّحيَّة والتدفئة والتبريد والحدادة والكهرباء على أنواعها، المنزلية والصناعية والرسم الهندسي ( أوتو كاد). وعليه، وتحفيزاً لشباننا كي يكتتبوا في إحدى دورات مهن الصناعة الحِرَفِيَّة والبناء، ورغبةً مِنا بمساندتهم للولوج إلى عالم الإنتاج والعمل المُجدي المفيد، فقد صمّمنا على تقديم دعم مالي تشجيعي مناسب لكل من يخضع لإحدى دورات التدريب في إختصاصات أعمال البناء والصيانة المنزلية. وتُصرفُ المكافأةُ لمُستَحِقّيها وَفْق الشروط التالية:
– ينال المنتسِب الجادّ مبلغ ٥٠٠٠٠ ل.س شهريا، يتقاضاه يوم تَخَرُّجه بنجاح عند انتهاء الدورة.
– تُيسِّر حركة “نبني ونستمر” لطلاب المركز عند تخرّجهم بنجاح، فرص عمل تدرِّ عليهم بدايةً دخْلاً يقارب ال ٢٠٠٠٠٠ل.س شهريا.
– يُمنَح الناجحون من الطلاب شهادة إتقان للمهنة، وهي وثيقة مفيدة يبرزونها عند تقدُّمهم بطلب عمل أينما حَلّوا.
– يتمتع خِرِّيج مركز “نبني ونستمر” للتدريب المهني”، بعد مرور سنة أو أكثر على ممارسته المهنة، بحقِّ الأفضلية في الحصول على دعم مالي يُمَكِّنه من الإنطلاق بمشروع صغير لحسابه الخاص في الحرفة التي تدرّب على ممارستها بإتقان عند أحد أصحاب الصنعة، مِمّا يفتح له أبواب العمل لصالحه ثم التقدّم والإرتقاء، إنّ هو سعى وَجَدَّ في عمله.
فإلى الفَلاح وِالنجاح بعون الله، يا أيُّها الأبناء الأحباء، لأنّ الأمل هو وليد العمل والتوفيق هو نعمة من الرب للمجتهدين وبركة من السماء للصابرين.
حلب في 31 تموز 2021 + المطران يوحنا جنبرت