كلمة الراعي

حارس القدس محامي حلب الشهباء

أولى زيارات المطران إيلاريون كبوجي بعد تحريره من الأسر وانتقاله إلى روما بمساعي الفاتيكان، كانت في مطلع عام ١٩٧٩ إلى مسقط رأسه حلب، حيث استقبلته الأبرشية استقبال الملوك، وكرّمته الجهات الرسمية واحتفت به احتفاءً منقطع النظير. وكانت بطبيعة الحال هذه المناسبة فرحة عارمة لمدينته الحبيبة. ونحن إذ نعود بالذاكرة إلى تلك الأيام السعيدة، يسرّنا أن نُذكِّر أبناءنا وأصدقاءنا بأنّ حلب بمسلميها ومسيحييها، بمراجعها الدينية وهيئاتها المدنية على حد سواء أظهرت بوضوح اعتزازها وفخرها بهذا الذي قال: إنّ رجل الدين يُجسّم الحق كونه يُمثِّل الله تعالى وهو الحق بالذات، ولذلك أصبح لزاما عليه أن يناهض الباطل ليناصر الحق ويدافع عن أصحابه، وإلا فبئس الرجولة فيه والدين منه براء“.

أنّ جماهير حلب قد عبّرت عن محبتها فنحرت في أحيائها الخِرفان تحت أقدام هذا المناضل عن الحق، بينما المحافظة سلّمته مفتاح المدينة، ونقابة المحامين جعلته في صدر تجمّعها واتخذت قراراً لافتا إذ عيّنته محاميا فخريا وعضوَ شرفٍ في النقابة بناء على قرار اتخذه مجلسها بالإجماع وفقا لمحضر جلسته الميمونة والذي جاء فيه ما يلي:

“اجتمع صباح يوم الأحد 11 شباط 1979 مجلس فرع نقابة المحامين بحلب برئاسة الدكتور أسعد كعدان وعضوية الأساتذة: جورج آجيا، زهير حجار، محمد عنجريني، وأحمد منير الوفائي وقرَّر ما يلي : بمناسبة زيارة المطران إيلاريون كبوجي لبلده حلب، ونظراً لمواقفه النضالية في حقلَيْ الوطن والقومية العربية، وفي الدفاع عن حقوق الإنسان، وحقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة، واستناداً لأحكام المادة الثانية من قانون المحاماة رقم 14 التي نصّت على ما يلي: المحاماة ذات غايات قومية وإنسانية تستهدف الدفاع عن الحقوق الطبيعية والموضوعية للأفراد والوطن والأمة والإنسانية:

1- اعتبار المطران إيلاريون كبوجي محامياً فخرياً في فرع نقابة المحامين بحلب، ومنحه هذا اللقب.

2- تسليمه صورة عن هذا القرار مع شعار المهنة.

3- قرار صدر بالإجماع بتاريخ 11 / 2 / 1979.”

تواقيع الأساتذة : الرئيس والأعضاء

وفي الساعة الحادية عشرة والنصف زار ممثلو مكتب النقابة مطرانية الروم الكاثوليك، وبلّغوا سيادة المطران كبوجي القرار الذي اتخذوه ورقمه 46 وسلّمه الدكتور كعدان “شعار المحاماة” التي برع سيادته فيها كل البراعة، يوم وقف بوجه محكمة      العدو الغاشم.

ومهما أكرمته مدينته حلب، فإنّ الذي وقف مع شعبه وأمته إلى حد التضحية بكل غال ونفيس يستحق المزيد من الإكرام يأتيه من الأمة العربية بشكل عام ومن الشعب الفلسطيني بشكل خاص. وهو ابن “سورية الصمود والعطاء ”.

كان يردّد ويقول: “سورية وطني الحبيب، هي التي ربّتني على محبة أُمتي، وبالتالي على محبة  فلسطين، وهي كالأم لقنتني منذ نعومة أظفاري المبادئ السامية التي جسّدتها في تراثها العربي وصمودها القومي وكفاحها الوطني. فهي عبر مسيرتها النضالية، زوّدتني بالقيم الإنسانية التي ترسم طريقي. هي مِشعلي الهادي الذي ينير سُبُلي. إني لفخور ببنوتي لها وانتمائي إلى شعبها الأبي”.

  حلب 7 أيار 2020                                                                 +المطران يوحنا جنبرت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى