كلمة الراعي

ولاية جديدة

في هذا الربيع المُزهِّر الذي تحتفل فيه سورية الحبيبة بولاية جديدة للرئيس المحبوب الدكتور بشار الأسد، وفي خِضمّ الظروف الصعبة التي تُثقِل كاهل المواطنين ولاسيما الحلبيين منهم، نحن إذ ندعو لرئيسنا بالتوفيق والنجاح في قيادة البلاد وإدارة شؤون العِباد، نتطلّع إلى الإصلاحات التي ينوي تحقيقها في مسار الحكم وآلية العمل في عدد من الدوائر التي من شأنها أن تُيسِّر أمور المواطنين، وتُسهِّل ظروف عَيْشهم وتؤمِّن لهم الآمان والاطمئنان في مستقبلٍ واعدٍ ومُزْهِر ينتظرونه بفارغ الصبر بعدما حلَّ بهم من مصائب وخراب.

نحن يا سيادة الرئيس، نعرف مدى إخلاصك للوطن وقَدْر محبتك للمواطنين، ونحن نثق بك وقد خَبِرنا ثباتك في التضحية وقدرتك على العمل الدؤوب والسخاء في العطاء، ولذلك بايعناك لولاية جديدة، ننتظر فيها منك مزيداً من الإنتصارات المَيْدانية وكمّاً من الإنجازات الخدمية والتقديمات المعيشية التي من شأنها تحسين عيش الناس، بعد كل ما عانوه من جرّاء صمودهم وعدم مغادرتهم البلاد إبّان هذه الحرب القاسية اللعينة، التي قتلت أبناءهم وقضّتْ مضاجعَهم ولم تترك لجفونهم وسْناً ولا لأبدانهم راحة ولا لأذهانهم سكينة.

إنّ أبناء حلب يعتزّون متفاخرين عندما يسمعونك تعُلن على الملأ محبتك لمدينتهم وتقول للجميع بالفم الملآن: “حلب في عيوني” وهم، وأنا على رأسهم، يبادلونك عواطف المحبة ويشكرونك داعين لك بالصحة والتوفيق. وأنا إذ أتوجّه إلى فخامتك بهذه التعبيرات، لا يسعني أن أسْهى عن التوجّه نحوك بنداء من القلب، طالبا منك النظر في أوضاع حلب المنكوبة التي هي في عيونك، مما يعني أنها عزيزة على قلبك. نعم يا أيُّها السيد العزيز. إنّ أهالي حلب التي هدمها العدو وخرّب مُقدّراتِها، تمرُ في مِحْنة لم يسبق لها مثيل، وإنّ شعبها الأبيَّ الصامد، تحمّلَ الكثير في سبيل نُصْرة الوطن الحبيب وبقائه. إِنك تعلم أنها فقدت مصانَعها ومؤسساتِها التجارية والخدمية، كما أنّ أبناءها فقدوا مصادر عَيْشهم وصاروا في ذُلِّ وفاقةٍ بعد أنّ كانوا في عِزٍّ وبحْبوحة. حلب التي كانت تُوزِّع الخيرات أصبحت اليوم تسْتجدي العون والمساعدة. رجاءً يا سيادة الرئيس المحبوب، لا تسْتَثْنِ من عنايتك المواطنين في مدينتنا المنكوبة. هناك مِمَّن هم حولك من المستشارين يتصوَّرون حلب كما كانت قبل الحرب، وينقلون إليك عنها صورة منقوصة.

أنا من أبناء حلب المقيمين فيها، وأنا ومعاونِيَّ من الكهنة، يا سيادة الرئيس، نلتقي أبناءها كل يوم ونعرف معاناتهم، نُصغي إلى مظالمهم، ونستمع إلى شكواهم، وكم من مرة نضطر إلى مسح دموعهم وترطيب خاطرهم دون جدوى. إنّ أهالي حلب ينتظرون منك عناية خاصة، كَوْن أوضاعهم الراهنة تدعو إلى ذلك. إنَّ الموظّفين من ذوي الدخل المحدود وهم كُثُر، والعمال والدّارسين هم بحاجة إلى مزيد من ساعات الإنارة الكهربائية المنتَظمة كي يتحرّروا من عِبءِ تكاليف شراء الطاقة من التجارِ والتي غالبا ما تمتصُّ رواتبهم. وإنّ  أصحاب الحِرَف والصناعيين الذين يسعون إلى ترميم مشاغلهم أو إعادة بناء مصانعهم التي خرّبها العدو، هم بحاجة إلى سَماحك وتشجيعك كي يمضوا قُدُماً في إعادة بناء اقتصاد الوطن، وتَيْسير فرص عمل جديدة للعديد من المواطنين. وعليه فأنا أجْرُؤ مُلتمِساً من عطفك المعهود، النظر في إمكانية تخفيف عبءِ الضرائب عن كاهلهم وتسهيل معاملات رُخَص عملهم، لكي يتمكنوا من استصلاح مؤسساتِهم وإعادتها إلى حقلِ الإنتاج خيراً لهم وللبلاد.

سيادة الرئيس المُكرَّم الدكتور بشار الأسد، أنا لن أطلب منك المزيد في هذه المرحلة الحَرِجة من تاريخ بلادنا، نظراً لما تتحمّله من مَهام صعبة وأعباءٍ مُضْنية. غير أنه لا بد لي من أنّ أُصِّرَ على هذين المطلبين، كوني أرى فيهما ضرورة وحاجة مُلِحّة من شأنها، إنْ تحققت، أن تُخفِّف من معاناة الشعب، وتُحسِّن الأوضاع المعيشية في مدينتنا الغالية على قلبك وفي عينيك، والغالية على جميع أبنائها الطيِّبين.

مع الدُّعاء لك بالتوفيق والنجاح وطول العمر.

حلب 18 حزيران 2021

المتروبوليت يوحنا جنبرت

                             مطران حلب للروم الكاثوليك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى