نشرة الأحد 4 نيسان 2021 – العدد 14
أحد الفصح المجيد المقدس- القيامة
إنّ هذا اليوم المشهود والمقدّس، أوّل الأسبوع، ملك الأيام، هو عيد الأعياد وموسم المواسم، الذي فيه نبارك المسيح مدى الدهور.
فصح الرب هو أساس إيماننا المسيحي ورجاءنا: غلب يسوع الموت بآلامه وموته وقيامته، فخلّصنا وحرّرنا من الخطيئة والبلبلة والشتات وأدخلنا ملكوته، ملكوت الحياة والنور والنعمة.
نعيّد بالفرح والافتخار لذكرى قيامة المسيح يسوع ربّنا. مات بسبب معصية وظلم الناس، وقام بسبب طاعته لأبيه. لم يعد للموت عليه من سلطان، وقد وهبه أبوه الاسم الذي يفوق جميع الأسماء كيما تجثو لاسم يسوع كلّ ركبة. ويشهد كلّ لسان أن يسوع هو الربّ تمجيداً لله الآب(فليبي 2/9)
نعيد بالفرح والافتخار لرجاء قيامتنا: فإنَّ المسيح القائم من بين الاموات هو باكورة القائمين: ” فالمسيح قام أولاً لأنه البكر، ومن بعده يقوم الذين هم خاصته “. (1 قور 15/23)
نعيّد بالفرح والافتخار للحياة الجديدة التي وهبنا إياها المسيح القائم من بين الأموات. أصبحنا أبناء القيامة، أبناء الله. فعلينا أن نتصرّف كأبناء القيامة: لقد صالحنا الله، فلنتصالح ولنصافح بعضنا بعضاً بفرح، ولنقل أيّها الإخوة لمبغضينا أيضاً ولنصفح عنهم في كل شيء… ولنحمل بشرى القيامة إلى جميع أخوتنا البشر…
في مطلع القدّاس: يُرنَّم “المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور (ثلاثاً). وتعاد بعد كلّ من الآيات التالية:
- لِيقُمِ الله ويتبدّد جميعُ أعدائهِ. وليهرُب مبغضوهُ من أمام وجههِ
- ليبيدوا كما يبيدُ الدخان. وكما يذوب الشمع من أمام وجه النار
- كذلك يهلكُ الخطأة من أمام وجه الله. وليفرح الصدّيقون مسرورين
- هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. فلنفرح ونتهلّل بهِ
- المجد للآب والابن والروح القدس
- الآن وكلّ أوانٍ وإلى دهر الداهرين. آمين
- المسيح قام من بين الأموات. ووطئ الموت بالموت.
الخورس: ووهبَ الحياةَ للذين في القبور
+ صلاة الأنديفونة: أيها المسيح الإله المنتصر على الموت، إهدنا سلامك واملأ قلوبنا روحاً قدّوساً، واعطنا أن ننتظر القوّة من العلاء بإيمانٍ ورجاء ومحبة، لكي نعترف بأنك ربُّ المتوكلين عليك، ونُبشِّر في العالم أجمع بقيامتك المجيدة، لأنك أنت نورنا وقيامتنا، أيها المسيح الإله، ولك ينبغي كلُّ مجدٍ وإكرامٍ وسجود، ولأبيك الأزلي وروحك القدّوس، الآن وكلّ أوانٍ…
+ ترنيمة الدخول: في المجامع باركوا الله، الربّ من ينابيعِ إسرائيل.
خلّصنا يا ابن الله. يا من قام من بين الأموات. نحن المرنّمين لك هلليلويا.
الطروباريات :
1- طروبارية القيامة (اللحن الخامس): المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور (ثلاثاُ).
2- طروبارية الاصغاء ( اللحن الرابع): سبقت الصبح اللواتي كنَّ مع مريم، فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر، وسمعن من الملاك: لمَ تطلبنَ من هو في الضوء الأزلي مع الموتى كإنسان؟ انظرنَ لفائف الأكفان. أسرعنَ وبشّرنَ العالم بأن الربّ قد قام وأمات الموت، لأنه ابن الله المخلّص جنس البشر.
3- قنداق الختام (اللحن الثاني): وإن نزلتَ إلى القبر، يا من لا يموت، فقد نقضت قدرة الجحيم، وقُمتَ ظافراً أيها المسيح الإله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، ولرسلكَ وهبت السلام، يا مانح الواقعين القيام.
+ بدلاً من قدّوسٌ الله .. نرنّم: أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبستم، هلليلويا
+ الرسالة لأحد الفصح: (أعمال الرسل 1 : 1-8)
+ الإنجيل لأحد الفصح المقدس: في البدء كان الكلمة (يو 1: 1-17).
† ابتهالات :
- أيها الرب يسوع، بقيامتك حقّقت لنا القيامة، ونقلتنا من الموت إلى الحياة. ليشرق نور قيامتك على شعبك الجديد الملقّب باسمك، فيعبُر معك من ظلمة الموت إلى نور الحياة – إليك نطلب يا رب، فاستجب وارحم.
- أيها الربّ يسوع، بقيامتك حقّقت لنا القيامة، فتألّقت صورة الله على وجوهنا. أعطنا أن تظهر قيامتك على وجوهنا وفي قلوبنا، فنشهد بذلك أننا حقيقةً أبناء القيامة– إليك نطلب يا رب، فاستجب وارحم.
- أيها الربّ يسوع، بقيامتك حقّقت لنا القيامة، وأفضتَّ علينا النعمة. اجعلنا بقيامتك نستمدّ من ملئِك نعمة على نعمة، فتصبح حياتنا نشيد شكر – إليك نطلب يا رب، فاستجب وارحم.
+ نشيد للعذراء (اللحن الرابع): إنّ الملاك خاطب الممتلئة النعمة: أيتها النقية افرحي وأيضاً أقول افرحي لأن ابنك قد قام من القبر في اليوم الثالث.
استنيري استنيري يا أورشليم الجديدة، لأن مجد الربّ قد أشرق عليك. افرحي الآن وتهلّلي يا صهيون. وأنتِ يا نقيّة يا والدة الإله، افرحي بقيامة ولدِك.
** المناولة الأحتفالية الأولى**
يحتفل سيادة راعي الأبرشيّة بالمناولة الاحتفاليّة لأولاد رعية ومركز القديس ديمتريوس وذلك يوم الأحد 11 نيسان في 10,00 صباحاً في الكنيسة الكائنة في حي الجابرية.
﴿ القيامة المقدسة﴾
تعكس أحداث هذه الليلة أعظم سرّ في حياة البشر وأكثرها غموضاً… لقد قام المسيح!! يؤمن البعض بهذا الحدث، ويدلون عليه ببراهين كثيرة. لكن يبقي هناك الكثيرين أيضاً لا يؤمنون بالقيامة. فكيف يمكن لشخص أن يقوم من بين الأموات، كيف يمكن أن يتراءى للناس بعد موته ويتحاور معهم، كيف يمرّ والأبواب مغلقة بالرغم من إن له لحم وعظم )لوقا 24: 39)، كيف يأكل مثل البشر. فيخبرنا لوقا مرتين إن المسيح طلب من تلاميذه، الخائفين والغارقين في الحّيرة، شيئًا يأكله، فتناول قطعة من السمك المشوي. وفي سفر الأعمال يتقاسم معهم المائدة لمدة أربعين يوماً قبل أن يصعد إلى السماء (أعمال 1 : 3 – 4 ).
لا يمكن لعقلنا البشري أن يستوعب القيامة، لأنها شيء خارج نطاق معرفة الإنسان الحسّية. هي كالحياة والعالم بالنسبة لجنين في طور التكوين في بطن أمه، لا يستطيع أن يتصوّر جمال الشمس الدافئة، وصفاء الأنهار، ألوان الورود والأشجار، وتنوّع أشكال الكائنات على الأرض. هي ولادة لحياة أخرى مختلفة تماماً. المسيح القائم ليس شبحاً ينتمي إلى عالم الأموات، لكنه يستطيع الظهور، بطريقة ما، في عالم الأحياء. وليس تجربة صوفية، حين تسمو روح البشر في لحظة، فترى العالم السماوي والأبدي، ثم ترجع إلى واقعها الطبيعي، مثل تجربة بولس وارتفاعه إلى السماء الثالثة، كما وصفها في الرسالة الثانية إلى الكورنثيين (12: 1- 4). بولس يكشف عن لقاء مختلف تماما مع المسيح القائم، لقاء مع شخص حيّ، يأتي من عالم مختلف، عالم الله.
كشف يسوع القائم سرّ قيامته للصغار، لثلاث نسوة، ثلاث مريمات، في حين بقي الرجال محبوسين من الخوف في العلية. “دَخَلْنَ القَبْرَ فأَبصَرْنَ شَابّاً جَالِسًا عنِ اليَمينِ عَلَيه حُلَّةٌ بَيضاء…” (مر 16، 5). كانت النسوة أُوّل من رأى هذه العلامة العظيمة: القبر فارغ؛ وكنَّ أول من دخله… بقيت النسوة ساهرات طوال الليل، في انتظار الفجر، للذهاب إلى القبر. كُشف لهن السر، لأنهنّ كنّ مستعدات، ساهرات، يملء قلبهم رجاء قوى بالقيامة.
القيامة ليست شيء يمكن فهمه بالعقل أو بالمعرفة… هي أكثر من ذلك بكثير. هي الدخول إلى سرّ الله، يقول الكتاب ” دَخَلْنَ القَبْرَ”. “الدخول في السر” يعني القدرة على الاندهاش، وعلى التأمل؛ القدرة على الإصغاء للصمت وعلى سماع همس صمتٍ لَطيف، ذاك الذي من خلاله يكلمنا الله (1 مل 19، 12).
الدخول في السرّ يتطلب عدم الاستسلام للكسل والراحة واللامبالاة التي تمنعنا من البحث عن الحقيقة. فالحياة ليست بسيطة كما نتصور، لم نُخلق لحياة روتينية، هناك معنى قوي لحياتك على الأرض، أنت مدعو لشيء عظيم، يتخطى حدود هذا العالم، إلى حياة أخرى مختلفة تماماً، تتحوّل فيها المادة التي نعرفها إلى مادة ممجدة. يقول بولس عن القيامة: “ما لم تره عينٌ وما لم تسمع به أذنٌ ولا خطر على قلب بشر، ما أعدّه الله للذين يحبّونه” (1 كور 2 : 9 ). “للذين يحبّونه”، فالحبّ هو سرّ خلودنا وقيامتنا، والعلاقة والإتحاد مع الله .
كُشف السرّ العظيم فقط لنسوة سهرنّ طوال الليل، مع العذراء الأم، التي ساعدتهنّ على عدم فقدان الإيمان والرجاء، فخرجن مع نور الفجرِ، ووجدن القبر مفتوحاً، فدخلن. سهرنَّ، وخرجن ودخلن في السرّ. دعونا نتعلم منهن السهر مع الله ومع مريم، أمنا، كي ندخل في السرّ الذي يَعبُرُ بِنا من الموتِ إلى الحياة الجديدة.
كُشف السرّ العظيم أيضًا لأصحاب القلوب التي يملؤها الرجاء: عندما رجعت المريمات إلى التلاميذ بالخبر، ماذا فعل التلاميذ: “لم يصدِّقوا شهادة النساء وإعلانهنَّ الفصحي. لا بل “بَدَت لَهم هذه الأَقوالُ أَشبَهَ بِالهَذَيان” (لوقا 24: 11). إلا إن قلب بطرس كان يملؤه الرجاء، بالرغم مما حدث. لم يستسلم بطرس لمشاعر الاحباط والخيبة لإنكاره سيده ثلاث مرات. لم يبق جالسًا يُفكّر، لم يبق منغلقًا في البيت كالباقين. نحن على مثال بطرس لا يمكننا أن نُدرك القيامة إذا بقينا تعساء وبدون رجاء، إذا انغلقنا على أنفسنا. نقص الرجاء يغلقنا على أنفسنا. لقد سقط بعض التلاميذ في هذا الفخ، كتلميذي عماوس، الذي ملأت الكأبة قلبيهما، بالرغم من كلام النسوة بأن الرب قد تراءى لهنّ، إلا أنهم استسلما للإحباط فهربا إلى خارج المدينة.
قوة رجاء بطرس، ليس في غياب الأزمات الإيمانية، ولكن في اليقين بأن المسيح يحبنا ويغفر لنا على الدوام. لن ندخل في سرّ القيامة العجيب، إلا إذا كان لدينا هذا الرجاء، في أن الله يحبنا ولا يريد هلاك أحد، حتى الخطأة: “فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة” (يوحنا 3: 16). لقد أحبّ الله العالم والإنسان: هذا هو عمق رجاؤنا. لكي يبعث الملاكان الرجاء في النسوة قالا لهنَّ: “أُذكُرنَ كَيفَ كَلَّمَكُنَّ ” (لوقا 24: 6). أساس الرجاء أن نتذكر كلمات يسوع، ونتذكر كل ما قام به في حياتنا.
يُكشف سرّ القيامة إذن للبسطاء اليقظين مثل المريمات، ولمن يملكون الرجاء كبطرس، بالرغم من كل شيء. لا يُكشف السرّ لمن يفقد الرجاء ويسقط في الشك واليأس بسبب المشكلات.
الحقيقة إننا نخاف أن نؤمن بالقيامة، فخوفنا من القيامة هو أكبر من خوفنا من موت يسوع. فيسوع الميت يسهل دفنه، نضعه في زاوية ما من زوايا قلوبنا، ندفنه هناك، نخفيه في قبر ما في نفوسنا، ونحيا حياتنا. لأن منطق قبول المسيح القائم من بين الأموات هو صعب، لأنّه يتطلّب التزامًا، وإيمانًا وتضحية، يتطلب سهر وخروج من سجن أنانيتنا. قبول المسيح القائم يعني أن أقبل في حياتي منطق القيامة: أرفض العنف وحضارة الموت، وأعلن منطقًا لا يتلاءم ومنطق ما يحيط بي. منطق القيامة يجعلني أبدو مجنوناً أمام الآخرين.