الكنائس

كنيسة القديسة تيريزيا

قصة بناء الكنيسة – بقلم: الأرشمندريت اغناطيوس ديك

كتب الأب أغناطيوس ديك في العدد الثاني من النشرة سنة 1986: منذ سنين كثيرة نذر السيد فتحي إنطاكي أن يشيد كنيسة على أسس القديسة تيريزيا على أرض تختارها وتقدمها الأبرشية. وقد رصد المال اللازم لذلك وأودعه في بادئ الأمر في صندوق الطائفة.

وفي مطلع الستينات اقتنت الطائفة أرضاً مجاورة لدير ومدرسة الراهبات الفرنسيسكانيات في حي السبيل. ولكن نظراً لأن مؤسسة جورج ومتيلد سالم شيدت كنيسة القديسة متيلد عام 1964 في نفس الحي، تقرر الاستغناء عن هذه الأرض وتوجهت الأنظار إلى منطقة حي السريان الجديدة التي أخذ يمتد إليها العمران وما تزال محرومة من دار للعبادة، وتمكنت الطائفة من اقتناء أرض واسعة تصلح لبناء كنيسة ومجمع خيري.

ويوم الاثنين 1 تشرين الأول 1973 عيد القديسة تيريزيا وفي السنة المئة لولادتها أقيمت حفلة وضع الحجر الأساس للمشروع، الساعة 4.30 بعد الظهر، برئاسة سيادة المطران ناوفيطوس أدلبي وحضور عدد كبير من الرسميين ومن أفراد الشعب.

بيد أن ظروفاً عدة أخرت فرز الأرض وإمكانية مباشرة عمل البناء عليها، وأخيراً تمّ الفرز، ووضعت المخططات النهائية للكنيسة وملحقاتها من دار للكهنة وصالة للمشاريع… وبدأت المعاملات للاستحصال على الرخصة.

اختار آل انطاكي موعداً لوضع الحجر الذي يرمز إلى المباشرة الفعلية ببدء العمل، يوم السبت 26 نيسان 1986 وهو اليوم الذي يحتفل فيه السيد فتحي انطاكي وزوجته ميمي حمصي باليوبيل الذهبي لزواجهما . فكللا بهذا العطاء الفريد خمسين سنة من الحب والوفاء .

ففي نهاية قداس الشكر الذي أقامه سيادة راعي الأبرشية على نيتهما في كنيسة الملاك ميخائيل الساعة 11 من صباح السبت بحضور العديد من الأصدقاء، وتوجه المدعوون إلى الأرض المعدة للبناء، وبعد صلاة طقسية وجيزة نضح راعي الأبرشية بالماء المقدس اللوحة المرمرية المنقوش عليها:

”كنيسة القديسة تيريزيا وملحقاتها من دار للكهنة ودار للأيتام تبرع ببنائها السيد فتحي انطاكي على أرض قدمتها طائفة الروم الكاثوليك بحلب، قد بارك الحجر الأساسي لهذا المشروع سيادة المتروبوليت ناوفيطوس إدلبي يوم السبت الموافق 26 نيسان 1986“

منذ ذلك الحين توالى العمل في الكنيسة وملحقاتها بشكل حثيث إلى أن أشرفت الأعمال على الانتهاء في مطلع السنة الحالية (أي 1995)، فحدد موعد التدشين في 17 أيار الموافق للذكرى السبعين لإعلان قداسة القديسة تيريزيا.

هندسة الكنيسة – بقلم: الأب بيير مصري

تقع الكنيسة على مساحة 800 م ² تقريباً ، صممت بشكل صليب متساوي الأضلاع ناصعة البياض ، تتداخل فيها عناصر من العمارة الكنسية البيزنطية والسورية المحلية لتجعل منها لؤلؤة معمارية حقيقية، توفّق بشكل فريد بين جمال التراث وبساطة الحداثة . تبدو من الخارج مربعة الشكل تتوجها قبة متوسطة وأربع قبب نصفية محيطة بها بشكل صليب، مزينة كلها بفتحات زجاجية صغيرة تحيط بقواعدها، فتتناظر مع المربعات الحجرية البارزة التي تزنّر الحواف. لها مدخل فخم متوسط على شكل قوس، يتناسب في منحنياته مع القبب العليا والمداخل الجانبية، تزينه فسيفساء متألقة الألوان للقديسة تيريزيا شفيعة الكنيسة .

أما من الداخل فالكنيسة تقوم على أربعة عواميد، شيقة توجه الأنظار إلى الهيكل الجميل بقبته الصغيرة التي تقوم بدورها على أربعة عواميد رخامية مثلثة .

وتلفت الانتباه في الجوانب الأمامية والخلفية “المشربيات” الخشبية الأنيقة المتناسقة لوناً مع المقاعد الخشبية التي تملأ الكنيسة على أربعة صفوف. يتسلل الضوء إلى الكنيسة بسخاء من خلال الواجهتين اليمنى واليسرى اللتين جعلتا بشكل نافذتين كبيرتين يغطيهما الرخام الشفاف، ولا يفتح منها إلا الجزء الأوسط المجعول بشكل صليب .

تزين الكنيسة من الداخل أيضاً أربع أيقونات كبيرة الحجم رسمت في اليونان، اثنتان للسيد والسيدة على جانبي المائدة المقدسة، والثالثة للقديسة تيريزيا شفيعة الكنيسة على الهيكل الجانبي الأيسر حيث تكرم أيضاً ذخائر القديسة، أما الرابعة فأيقونة التجلي على الهيكل الجانبي الأيمن.

في الحنية التي خلف الهيكل الأوسط يتألق صليب جميل يرجع إلى كنيسة الشرعسوس القديمة، وقد أعيد ترميمه ليتصدر الكنيسة كما هي الحال في كنيستي القديس جاورجيوس والملاك ميخائيل.

تطل الكنيسة على باحة رحبة مربعة الشكل على جانبيها رواقان بعقود وقناطر يصلان بين الكنيسة والمبنى الكبير المواجه لهما. في الطابق الأرضي لهذا المبنى صالون كبير يمتد على مساحته بأكملها تقريباً سيكون مخصصاً للاستقبال في الأعراس والمناسبات المختلفة. فيما يضم الطابق الأول بيت الكهنة وفيه غرف نوم كهنة الرعية ومكاتب عملهم واستقبالهم، أما بقيّة الطوابق فقد تمّ تخصيصهما للمشاريع الرعوية تحت اسم “مركز القديس أغناطيوس الأنطاكي للأنشطة الروحية والاجتماعية” الذي يضم إلى جانب الغرف المخصصة للتعليم المسيحي واجتماعات الأخويات المختلفة، مكتبة للأطفال مجهزة للخدمات الثقافية المتنوعة كتعليم اللغات والفنون، ومقرّاً للأخويّة الكشفيّة. تنبغي الإشارة أخيراً إلى الصالة الكبرى التي تقع تحت الكنيسة وتتساوى معها في المساحة وهي رديف أساسي لكل الخدمات السابقة إذ يمكن الاستفادة منها كقاعة للمحاضرات أو النشاطات الفنية والثقافية وكصالة ألعاب وتنشيط للأطفال والشبان .

احتفالات التدشين – بقلم: الأب بيير مصري

وزعت احتفالات تدشين الكنيسة على يومين، الأربعاء والخميس 17و18 أيار 1995. احتفل بها راعي الأبرشية المطران ناوفيطوس ادلبي برئاسة صاحب الغبطة البطريرك مكسيموس الخامس حكيم ومشاركة سيادة السفير البابوي المنسنيور بيير جاكومو نيكولو وسيادة المطران بولس انطاكي النائب البطريركي في القاهرة. وفيما يلي وصف توثيقي لهذه الاحتفالات.

اليوم الأول : الأربعاء 17 أيار :

أقيمت في هذا اليوم رتبة تكريس الكنيسة ملحقة بصلاة الغروب الاحتفالية، وكانت مخصصة للمدعوين الرسميين من اكليروس وعلمانيين امتلأت بهم الكنيسة، وعلى رأسهم الأساقفة ورؤساء الطوائف المسيحية بحلب .

وعند الساعة الخامسة مساءً دخل موكب غبطة البطريرك وراعي الأبرشية ومعهما لفيف الأساقفة والكهنة المحتفلين فيما كانت الجوقة ترنم “اليوم يوم القيامة” ونشيد التحية البطريركية، وبعد استهلال الصلاة بترتيل “المسيح قام” تليت صلاة تكريس الهيكل على قسمين وجرى بعدها نضح الهياكل بالماء المقدس ورش الكنيسة بأكملها به فيما كانت الجوقة تنشد المزمور 83 …

بعد ذلك جرت رتبة وضع الذخائر المقدسة في الهيكل الكبير، حيث أودعت ذخائر القديسة تيريزيا مكانها المخصص في حجر المائدة المقدسة وختمه غبطة البطريرك بالشمع ومسحوق الرخام فيما كانت الجوقة ترتل طوبارية القديسة تيريزيا، في هذا الوقت أيضاً وضع راعي الأبرشية صك تكريس الكنيسة داخل المائدة المقدسة بعد أن حفظت نسخة منه في محفوظات المطرانية وسلمت نسخة ثالثة للسيد فتحي انطاكي واهب الكنيسة .

القسم الأخير من رتبة التكريس هو مسح الهياكل والأيقونات وأواني الكنيسة بالميرون المقدس وهو علامة التكريس والوحدة مع كل الكنائس، فبعد الصلاة الخاصة بذلك قام غبطة البطريرك ويساعده المحتفلون بمسحة الميرون فيما الجوقة تردد هللويا هللويا … وختمت الرتبة بتغطية الهياكل المقدسة وترنيم المزمور 92 “ببيتك تليق القداسة يا رب طول الأيام”.

توالت بعد ذلك مراحل صلاة الغروب الاحتفالية، وكان الأب بسام آشجي قد أعدّ بموافقة راعي الأبرشية طلبات وصلوات خاصة بهذه المناسبة وقطع لمزامير الغروب تكريماً للقديسة تيريزيا..

بعد نشيد المساء ألقيت الكلمات الخاصة بالمناسبة وقد بدأها السيد فتحي إنطاكي واهب الكنيسة بصلاة تقدمة وشكر أثارت في الحاضرين عاطفة عميقة من التأثير والتقوى… ثم تلاها كلمات البطريرك والمطران وبرقيّة قداسة البابا.

اليوم الثاني : الخميس 18 أيار :

جرى في هذا اليوم القداس الاحتفالي الأول في الكنيسة الجديدة، ترأسه صاحب الغبطة البطريرك مكسيموس الخامس وراعي الأبرشية وشارك فيه المطرانان بولس انطاكي وابراهيم نعمه مطران حمص للروم الكاثوليك .

بدأ الاحتفال بدخول موكب صاحب الغبطة والمحتفلين على ترتيل “اليوم يوم القيامة..” وبعد البركة البطريركية، وبينما يرتدي المحتفون ألبسة الخدمة الكهنوتية رتلت الجوقة المزمور 83 : ما أحب مساكنك …

وتوالت مراحل القداس الاحتفالي الذي أعد له كصلاة الأمس طلبات وصلوات خاصة بالمناسبة تكريماً للقديسة شفيعة الكنيسة، جمعت في كراس صغير تزينه صورة لأيقونة القديسة تيريزيا التي رسمت خصيصاً لهذه الكنيسة، وقد وضع في أيدي كافة المشاركين في الاحتفال….

بعد تلاوة الإنجيل المقدس ، قدم السيد فتحي انطاكي من جديد صلاته الجميلة، وارتجل غبطة أبينا البطريرك عظة موجزة علق فيها على فكرة الطفولة الروحية التي يدور حولها الإنجيل : “إن لم تعودوا كالأطفال….” واستعاد بعضاً من أفكار وتمنيات عظة اليوم السابق .

في نهاية القداس جرت رتبة “تكريس الخبزات” المختصرة، فبارك البطريرك الخبز المقدم من عائلة انطاكي والقمح والخمر والزيت ثم منح البركة الختامية، وجرى توزيع الخبز المبارك على الحاضرين فيما كان موكب المحتفلين يستعد للخروج ختاماً للاحتفال الكبير. وقد تقبل المحتفلون وكهنة الكنيسة تهاني الحاضرين في الصالون وباحة الكنيسة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى